الجمعة، 17 فبراير 2012

خالد مشعل في مواجهة غول الانقسام

kolonagaza5
سامي محمد الأسطل باحث وأكاديمي على قاعدة الشراكة في السلطة تعافت السلفادور عام 1992م من حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس, وأزهقت 75 ألف ضحية, لم تنهض السلفادور من هذا المستنقع وتبدد هذه الحالة العالقة من دون قرارات سياسية خطرة, جريئة وحاسمة من أجل مرحلة جديدة يأتلف فيها الجميع ويدخلوا في مرحلة من التنازل الجماعي للصالح العام, ويتحللوا من الولوغ التبادلي في الدم الواحد, في هذا الإطار وقع الرئيس ألفريدو كريستياني مع المعارضة اتفاقا أنهى فيه 12 سنة من الاقتتال واتخذ الرئيس قرارات جريئة تمثلت في تقليص عدد الجيش, حل الشرطة الوطنية, الدفاع المدني سيء السمعة وتم تنظيم شرطة مدنية, ليلتئم الجميع تحت حكومة واحدة. إن إحداث اختراق في جدر الأزمات الأهلية ضروري لإنجاح لأم الانقسام وصيانة البلاد, وموضوع الأمان المتبادل يتحقق مع قرار الشراكة واختبر هذا في الحالات الأكثر دموية في الكثير من حالات الحروب الداخلية, والتي راح ضحيتها ملايين البشر, والأمثلة في هذا الاتجاه كثيرة في جنوب أفريقيا عام 1994م وفي طاجيكستان عام 1997م حيث رفع شعار لا عودة للحرب الأهلية وفي الحالات العربية تتجلى الحالة اللبنانية التي تستقر دائما على قاعدة الشراكة فقد تكررت الاتفاقات منذ العام 1920م حتى اتفاق الدوحة 2008م ليخرج الفرقاء بقرار وحيد هو شراكة السلطات الجبرية. في حالتنا الفلسطينية الموضوع أقل تعقيدا من كل الحروب الأهلية التي اجتاحت عدة دول خلال العقود القليلة الفائتة فمجموع شهداء أحداث الانقسام والانفصال 14-20/6/2007م لا يتعدوا العشرات والرقم بالتحديد 145ضحية بحسب مصادر المنظمات الحقوقية –المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان-إن دل هذا على شيء فلا يدل إلا على أن الفلسطينيين ليسوا دمويين فهذا العدد قتل أضعافه في ساعة من ساعات الحرب الأهلية الأهلية البشعة في أسبانيا 1936-1939م التي راح ضحيتها مئات الآلاف وتكرر ذلك في فيتنام, الصين, نيجيريا, كوريا, رواندا بروندي...الخ. أدرك أبو الوليد خالد مشعل أن ضحايا الانقسام رحمهم الله لم يكونوا إلا ضحية صراع السلطة وليس صراع المثل الوطنية أو الدينية, فليس لدينا تنوع طائفي ولا عرقي ولا تعدد أجناس أو ألوان أو لغات وقوميات, إن هذا الصراع المقيت هو صراع بذور الاستبداد الذي لابد أن ينتهي ويحدد بالانتخابات ولا تترك دوامة الانقسام شماعة لهواة الحكم المؤبد الذين كرهوا الموت والانتخابات, كرهوا التغيير ورؤية الحقيقة في الشارع وشغلهم سحر السلطة. بات واضحا أن كل المؤسسات السياسية والأمنية الفلسطينية مجتمعة تلونت بلون الانقسام وتنطق به ودرجت تحت نظام الخصخصة الحزبية وخرجت من ملكية الشعب الفلسطيني التي حصنها الدستور لتصب في الحاصلات الحزبية, وكلها حالت عليها الأحوال وليس لها من تبييض سياسي إلا عبر الانتخابات ولا يجدي معها تصريحات وبيانات ولا النطق بالدساتير التي تستدعى مواده ال44, 45, 46, 47 عندما تمس أطراف التسلط وزمام الحكم الذي لا ينم إلا على طلائع الدكتاتورية حتى لو لم يشعروا. ليس هناك من نص صريح في القانون الأساسي يمنع الرئيس من تولي مقاليد السلطة, وإن كانت الحكومة ستشكل من أجل إجراء الانتخابات فهذا هو الهدف الأساسي للخروج من الأزمة, وطرفي الانقسام يمتلكان من القوة على أرض الواقع ما يمكنهما من الإشراف على سير العملية الانتخابية وضمانة نزاهتها وشفافيتها. المسألة ليست نصوص ومواد فمعظم نصوص الدستور منتهكة حتى في أبسط الحريات تحت سمع وبصر الكثير من الذين ينبرون من أجل إفشال اتفاق الدوحة, وليس منا ببعيد حزب التجمع الدستوري التونسي برئاسة زين العابدين بن علي الذي يدعي أبوية الدستورية وهو أول من يفشلها وينتهكها, عرف التونسيون الداء المتمثل في شبق السلطة فثاروا من أجل فتح صفحة جديدة, أما نحن في فلسطين فقد جرت ثورتنا داخل الصناديق عام 2006م مما سمح لنا بالتزود بالرؤية الموجودة حاليا في الوطن العربي, ونحن في مرحلة كشف لجميع البرامج التي اقتحمت الساحة الفلسطينية. كأن السياسي الكبير نيقولا ماكيافيلي صاحب كتاب الأمير يعيش بين الضفة الغربية وقطاع غزة, ينظر من بعيد بنظرة الحاذق الذي عرف عقلية أرباب الانقسام فقال قديما:"إن فقدان الأهل والأبناء أهون من فقدان الحكم والسلطة" لذلك وتحرزا من هذه المعضلة فالعمل جار على محاربة من يخطر بباله القربى من الحكم من قريب أو بعيد, نتمنى على الجميع السير بخطى المصالحة والسلام الاجتماعي لعل هذا الذي يساهم في تحقيق الأهداف والمرامي لكن ذلك يقتضي خطوات خلفية للكثير من القيادات التي استفادت من الانقسام وعشقت السلطة وعاشت فيها, وهذا أمر يحتاج مواقف تاريخية مثل التي قام بها السيد خالد مشعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا باقتراحاتكم